علامات حب الله للعبد وكيفية الفوز بقربه
رحلتنا اليوم ستكون مع الله، وقصة رحلتنا تدور حول شاب يُدعى عُمر، الذي كان يعيش بعيدًا عن طريق الله. لم يكن يصلي، ولم يعرف عن صيام رمضان إلا كونه وقتًا لتناول السحور والإفطار، ثم النوم من الفجر حتى المغيب. أما بعد الإفطار، فكان يقضي وقته مع أصدقائه يلعبون "البلايستيشن". كان عمر أيضًا يعيش حياة مليئة بالمعاصي، بما في ذلك علاقات غير شرعية وتعاطي الماريجوانا. في الحقيقة، كان قلبه مُعتمًا ومشوشًا، لكنه لم يكن يعلم أن الله يُمهله ليُعيده إلى الطريق المستقيم.
قلب أعمى :
قال الله عز وجل: ﴿أفلم يسيروا في الأرضِ فتكونَ لهمْ قلوبٌ يعقلونَ بها أوْ آذانٌ يسمعونَ بها ۖ فإنَّها لا تعمى الأبصارُ ولَكِنْ تعمى القلوبُ الَّتِي في الصُّدورِ﴾. القلوب العمياء لا ترى الحق حتى وإن كان واضحًا أمام أعيننا. مثلها مثل حورية البحر في الأسطورة التي تُغوي البحارة بجمالها وصوتها الخلاب حتى ينقادوا نحو الهلاك.
إن الشيطان يشبه هذه الحورية، فهو يغوي الإنسان ويسيطر عليه، محاولاً إبعاد قلبه عن رؤية الحق. وقد حذرنا الله من مكائد الشيطان في قوله تعالى: إِنَّ الشَّيطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا. يبدأ الشيطان بالتأثير على الإنسان تدريجيًا، محاولاً إضعاف الإيمان وزرع الشكوك في قلبه. يُحلل المحرمات، ويُزين المعاصي، حتى يصبح الإنسان ضحية لوساوسه.
باب التوبة :
على الرغم من ضلال الإنسان، فإن الله سبحانه وتعالى دائمًا يفتح باب التوبة لعباده. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل". فعندما يُخطئ الإنسان، يجد دائمًا طريقًا للعودة إلى الله. يُذكِّرنا الله بآياته ومواقفه، فيرسل لنا رسائل تُعيدنا إلى الصراط المستقيم.
التوبة تتطلب الصبر، فالتغلب على المعاصي ليس أمرًا سهلاً. الطريق إلى الله مليء بالصعاب، ولكنه يستحق الجهد. كما قال الله تعالى: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾. الصبر مطلوب في الطاعة وفي تجنب المعصية، وأيضًا في مواجهة المصاعب التي قد تواجهنا.
النفس اللوامة :
النفس البشرية لها ثلاثة أنواع: النفس المطمئنة، النفس اللوامة، والنفس الأمارة بالسوء. النفس المطمئنة هي التي تجد راحتها في طاعة الله، وهي التي خاطبها الله في قوله: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾. أما النفس اللوامة، فهي التي تشعر بالندم عند ارتكاب المعاصي وتحاول العودة إلى الله. وقد أقسم الله بها في قوله: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾. وأخيرًا، النفس الأمارة بالسوء هي التي تقود الإنسان نحو الشهوات والمعاصي.
إحياء النفس اللوامة :
إحياء النفس اللوامة يتطلب مجاهدة النفس الأمارة بالسوء. قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾. يمكننا تحقيق ذلك عن طريق محاسبة النفس يوميًا، وتقييم أعمالنا، سواء كانت طاعات أو معاصي. من المهم أيضًا مخالفة الهوى، حتى في الأمور المباحة، لتقوية الإرادة وضبط النفس.
نعم الله وأسماؤه وصفاته :
لمعرفة الله وحبه، علينا أولاً التأمل في نعمه. قال الله تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾. عندما نتأمل في حياتنا، نجد أن الله منحنا نعمًا لا تعد ولا تحصى: الصحة، العقل، الرزق، العلاقات، وغيرها. وبعد إدراك النعم، ننتقل إلى التعرف على أسماء الله وصفاته. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة". التعرف على أسماء الله يُعمِّق حبنا له ويزيد إيماننا.
علامات حب الله :
من علامات حب الله للعبد، أن يُحبب عباده فيه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله العبد، نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا، فأحببه. فيُحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض". قد يختبر الله عبده، لكنه يمنحه أيضًا السكينة والرضا.
ختامًا :
رحلتنا إلى الله تبدأ بخطوات بسيطة. لنبدأ بالتوبة الصادقة، ومحاسبة النفس، والاقتراب من الله بالعبادات والطاعات. فلنكتب أعمالنا اليومية ونقيمها، ونسعى لتصحيح أخطائنا. الطريق إلى الله ليس سهلاً، لكنه مليء بالرحمة والمغفرة. فلا تتردد في اتخاذ الخطوة الأولى، فإن الله ينتظرك ليحتضنك برحمته. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون". فابدأ الآن، واكتب في التعليقات ذكرًا لله، وكن من المحبين. الله معك في رحلتك.
شاركنا برأيك في التعليقات