ساعة الغفلة أنواعها وأسبابها وكيفية علاجها
![]() |
الغفلة Negligence |
تُعتبر طبيعة الإنسان مليئة بالتحديات التي قد تعرقل مسيرته، خاصة عندما يتعلق الأمر بدينه. فشياطين الإنس والجن لا يتركون فرصة إلا ويحاولون إبعاد المسلم عن طريق الله، ما يجعل المسلم عُرضة للانتكاسات والعقبات في رحلته الحياتية. ومع ذلك، فإن من يتبع أوامر النبي صلى الله عليه وسلم، ويتقرب إلى الله بأفعاله وأقواله، يكون محبوبًا عند الله. فالله يحب الذين يجاهدون في سبيله مهما كانت قلة وسائلهم وجهودهم. لذا، لا يجب على المسلم أن يترك نفسه للانشغال بتوافه الأمور أو أن يغفل عن الغاية الأسمى.
مفهوم الغفلة :
الغفلة، كمفهوم لغوي، تشير إلى فقدان الوعي أو الإدراك بشيء ينبغي أن يُدرك. وهي مأخوذة من الفعل “غفل”، الذي يعني إهمال شيء ما، سواء بشكل متعمد أو غير متعمد. وقد وصف الراغب الأصفهاني الغفلة بأنها انحراف يحدث نتيجة قلة الحذر واليقظة. وتُعد الغفلة مرضًا خطيرًا قد يؤثر على حياة الإنسان بأبعادها المختلفة؛ دينه، عمله، وحتى قيمته الذاتية. والأسوأ من ذلك أن الإنسان قد يقع في الغفلة دون أن يدرك ذلك.
الغفلة، كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، تُعتبر من أخطر الأمراض التي يمكن أن تُصيب المسلم في دينه ودنياه. فقد حذرنا الله من مصاحبة أولئك الذين قلوبهم غافلة، ووصفهم بأنهم ممن طُبع على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم. قال تعالى: “وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا”.
أنواع الغفلة :
- الغفلة المحمودة: وهي غفلة الإنسان عن الفواحش والخطايا، بحيث يبتعد عن كل ما نهى الله عنه دون حتى أن يخطر بباله فعلها. وهذا النوع من الغفلة يُعتبر نعمة وحماية للإنسان.
- الغفلة المذمومة: وهي غفلة الإنسان عن طاعة الله وذكره، وانغماسه في شهواته ومتاع الدنيا الزائل. وهذا النوع يُعد أخطر الأمراض التي قد تُفسد قلب الإنسان ودينه. وقد قسّم العلماء الغفلة المذمومة إلى ثلاث فئات:
- الغفلة العرضية: وهي غفلة الصالحين التي تكون مؤقتة، حيث يستيقظون سريعًا ويتوبون إلى الله.
- الغفلة المتكررة: وهي غفلة المسلمين العصاة الذين يترددون بين الطاعة والمعصية، ويحتاجون إلى تذكير دائم.
- الغفلة التامة: وهي غفلة الكفار الذين لا يعترفون بالله أو باليوم الآخر، وقد وصفهم القرآن بأن قلوبهم قاسية.
أسباب الغفلة :
- الانغماس في متاع الدنيا: السعي وراء الراحة الجسدية، والشغف بالشهوات، يجعل الإنسان ينشغل عن ذكر الله.
- اتباع الهوى: الانغماس في الشهوات والرغبات يؤدي إلى إغفال القلب والعقل.
- العمل المفرط: الانشغال الدائم بالعمل دون ترك مساحة للطاعات والعبادات.
- وسائل الترفيه المفرطة: الألعاب الإلكترونية ووسائل الترفيه الحديثة تجعل الإنسان يهدر وقته وينسى واجباته الدينية.
- مصاحبة أهل الغفلة: الاختلاط بالفاسقين والغافلين يؤدي إلى التأثر بسلوكياتهم.
ما تغفل عنه البشرية :
- تعلم الدين: الجهل بالدين يؤدي إلى انحراف الإنسان عن الطريق الصحيح. وقد روى القاضي أبو بكر ابن العربي قصة تدل على عواقب الجهل، حيث كاد يُقتل عالم لأنه رفع يديه أثناء الصلاة وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، في موقف يُبرز كيف يمكن للجهل أن يؤدي إلى التفرقة والضلال.
- ذكر الله: الغفلة عن الأذكار اليومية تؤدي إلى انغلاق القلوب وانتشار الضيق. قال تعالى: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا”.
- الإخلاص في النية: العمل بلا نية صالحة يفقد قيمته عند الله.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إهمال هذا الواجب يؤدي إلى انتشار الفساد والغفلة في المجتمع.
معالجة الغفلة :
- قسوة القلب: الغافل لا يتأثر بآيات الله ولا يستفيد من نصائح الآخرين.
- الحرمان من رحمة الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ”.
- الندم في الآخرة: الغافلون يندمون يوم القيامة على تفريطهم. قال تعالى: “أُوْلَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”.
أما العلاج، فيكمن في :
- ذكر الله: المواظبة على الأذكار اليومية تحيي القلب وتبعد عنه الغفلة.
- صلاة الليل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين”.
- زيارة القبور: تُذكّر الإنسان بالموت والآخرة، وتحفزه على التوبة والعمل الصالح.
- صحبة الصالحين: مجالسة أهل الذكر تساعد على تنبيه الغافل وإعادته إلى الطريق الصحيح.
شاركنا برأيك في التعليقات